إن الحب بين الزوجين له أشكال عديدة ولعل من أسمى صورها هي العلاقة الخاصة التي تربط الزوجين ببعضهما.
ولقد حباها الإسلام بعدة خصائص من شأنها أن تضفي عليها الكثير من الوئام والانسجام بين الزوجين، فيصبحا في سماء الحب والود والسكن عاشقين لا ثالث بينهما.
ومن أبرز تلك الخصائص التي أضافها الإسلام إليها:
* الخصوصية.
* حرص كل طرف على سعادة وإمتاع الطرف الآخر.
إن كل زوجة محبة تسعى قدر إمكانها في علاقتها الخاصة أن تتوج لياليها مع زوجها بشموع السعادة وصنوف المتعة.
وبباقة ورد معبرة له عن كل معاني السكن والمودة التي تحملها في طيات فطرتها كزوجة محبة لزوجها.
لذا فأي عائق يعوق دون التفنن في التعبيرعن حبها لزوجها، يكدر صفوها تمامًا
فماهي أنواع تلك المعوقات؟ وكيفية علاجها؟
نظرة داخل عيادة النساء..
دعونا ننقل أولا صورًا من شكوى النساء من معوقات اللقاء مع زوجها
تقول ن.س متزوجة منذ سنة: أعاني من آلام مبرحة أثناء العلاقة، استمر هذا الحال إلى اليوم، مما يجعلني خائفة فعلا منه، وفي كل مرة يرافق ذلك خروج دم ليوم أو يومين بعد اللقاء.
أما س.ع متزوجة منذ شهر: أشعر بحرقة في المهبل! تعوقني عن العلاقة.
وتتفق معهما ج.ف متزوجة منذ سبعة أشهر تقريبا: أشعر بآلام في الرحم والمبايض بعد العلاقة
وتحكي ر.ع متزوجة منذ شهرٍ تقريبًا: قبل الزواج كنت أعاني من حرقةٍ في البول وحكةٍ عند فتحة المهبل وتحت العانة.
وكنت أشعر بهذه العوارض قبل الدورة فقط، والآن بعد الزواج ما زلت أشعر بهذه العوارض، ولكن هناك مشكلة وهي أنني أشعر بالألم أثناء العلاقة الزوجية كما لا أشعر بأي متعة.
ولكن هناك شكاوى من نوع آخر حيث تقول م.أ متزوجة منذ عشرة أعوام: أعاني من الفتور مما يؤثر بالسلب على حياتي الزوجية.
وتتفق معها ر.ع متزوجة منذ 4 سنوات: إن الحياة بيننا كانت على ما يرام والآن بعد استخدامي لحبوب منع الحمل أصبحت أعاني من الفتور الشديد.
إن معوقات اللقاء التي تصادفها الزوجة كثيرة ومتشابكة، فالبعض منها قد يكون بسيطًا وسهلا علاجه و البعض الآخر قد يكون ناتجا من مشاكل طبية خطيرة، أو ناتجا من تجارب مؤلمة في الحياة، أو ناتجا من مشاكل عاطفية بحتة، كل ذلك من شأنه التأثير على العلاقة الزوجية.
مشاكل المرأة وأسبابها:
المشاكل النفسية:
** إن نفسية المرأة واضطراب علاقتها مع زوجها لها تأثير كبير على علاقتهما الخاصة، فالمشاكل العاطفية والقلق والإجهاد والاكتئاب والإحباط كل ذلك يؤثر بالسلب على المرأة وانسجامها مع زوجها.
** يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: (وقدموا لأنفسكم) البقرة:223
إن الإخلال بهذا الشرط، وقلة معرفة الزوجة أو زوجها به، من شأنه أن يخل بأهم حق للمرأة وهو حقها في التمهيد للعلاقة الزوجية.
المشاكل الخاصة بأمراض النساء:
إن هناك العديد من أمراض النساء تسبب آلاما أثناء العلاقة ومن ثم قلة رضاء الزوجة حينها.
** جفاف المهبل: إنه أمر شائع في الزوجات صغيرات السن بسبب خلل في التمهيد للعلاقة.
أما في الزوجات الأكبر سنًا فالسبب ينشأ نتيجة عدم توازن في الهرمونات، ففي سن اليأس، نقص معدل الاستروجين يسبب جفافا في المهبل.
**عسر الجماع: وهو تقلص لا إرادي مؤلم للعضلات المهبلية المحيطة بفتحة المهبل، وقد يؤدي لمنع العلاقة نهائيًا أو يسمح بوجود علاقة لكن بشكل مؤلم،
إن ذلك قد يحدث نتيجة عدة أسباب منها:
# إصابات أو ندبات في المهبل ناتجة من الجراحة، أو اعتداء جنسي، أو أثناء الولادة الطبيعية، أو نتيجة عدوى مهبلية.
# تهيج خلايا المهبل بفعل الدوش المهبلي، والواقي الذكري و المستحضرات التي تبيد الحيوانات المنوية كوسيلة من وسائل منع الحمل.
# الخوف والقلق.
**أمراض تنتقل عن طريق العلاقة: كالسيلان والزهري والكلاميديا والهربس وغيرها من الأمراض المعدية والتي تجعل العلاقة الزوجية غير مريحة ومؤلمة.
** التهاب المهبل: إن التهاب المهبل وتهيج الخلايا المهبلية تجعل العلاقة مؤلمة.
** مرض البطانة الرحمية و مشاكل بالحوض، تكيسات المبيض، وندبات إثر عمليات جراحية سابقة: كل هذا قد يمنع الاتصال أو يجعله مؤلمًا.
**مرض الالتهاب الحوضي: هو عدوى بالمهبل انتشرت إلى عنق الرحم، والرحم، والمبايض، وهذا المرض مؤلم في حد ذاته ويجعل بالتالي العلاقة الزوجية مؤلمة بشكل كبير جدًا.
** تلف الأعصاب: قطع الأعصاب الصغيرة التي لايمكن تجنبها أثناء عملية جراحية بالحوض، مثل استئصال الرحم، ينتج عن هذا نقص الإحساس بالعلاقة ومن ثم التفاعل معها.
مشاكل خاصة بحالة الجسم وما به من أمراض:
** الإجهاد.
** الأمراض المزمنة مثل الضغط والسكر، وأمراض القلب، والكبد، والكلى.
** السرطان.
** الأمراض العصبية.
** أمراض الدورة الدموية.
** اضطراب توازن الهرمونات.
** سن اليأس.
** الحمل.
** الإدمان وشرب الكحوليات.
** الأدوية: إن هناك أدوية معينة تؤثر على رغبة المرأة في العلاقة، ورضائها عنها مثل:
# الأدوية التى تمنع مضادات امتصاص السيروتونين (مادة كيميائية مسئولة عن السعادة) متمثلة في الأدوية المضادة للاكتئاب.
# أدوية معينة من العلاج الكيميائي.
# أدوية ارتفاع ضغط الدم.
# بعض من الأدوية النفسية.
** النظام العلاجي: هناك علاج بالإشعاع لبعض أنواع الأورام السرطانية، إن هذا العلاج يؤثر على رطوبة المهبل، كما يجعل الأنسجة المهبلية مؤلمة و أكثر حساسية.
** تجربة الاعتداء الجنسي: إن هذا الأمر يحول دون ثقة المرأة في زوجها، مما يعيقها عن الاسترخاء، حيث تتملكها مشاعر الخوف والاستياء حتى ولو منحها زوجها الدعم والأمان.
** معتقدات خاطئة تجاه مفهوم العلاقة الزوجية:
الكثير من النساء بسبب خلل في تنشئتها، أو بسبب خبرة مبكرة وخاطئة عن العلاقة الزوجية " تكتسبها من صديقاتها أو من خلال الإعلام الخاطئ " قد لا ترى في العلاقة المعنى السامي والجميل الذي يجمع الزوجين معًا، كما أنها تقرن دائمًا المشاعر الراقية والغريزة الفطرية بشعور الخزي والشعور بالذنب.
ومن ناحية أخرى فإن الإعلام الخاطئ وشاشات السينما تصور العلاقة وكأنها فانتازيا رائعة وممتعة دائمًا، مما يجعل النساء يعتقدن أنها هكذا دائمًا على أرض الواقع، ولذلك فإن هؤلاء النساء يشعرن بخيبة الأمل والأسى حينما لا يجدن ذلك، أو يواجهن مشاكل ولو بسيطة في علاقاتها مع زوجها.
آراء المختصين:
في حوار لنا مع الدكتورة رحاب عزام (تمهيدي ماجستير أمراض نساء وتوليد)
** ما هي الحالات التي صادفت حضرتك من معوقات أثناء العلاقة؟
* الحالات التي تأتي إلى العيادة غالبا لاتشتكي مباشرة من الموضوع، فبعض الحالات تشتكي من الألم الشديد أثناء العلاقة، وهذا الألم يعيق تماما العلاقة الزوجية ويجعلها شاقة وقد تكون مستحيلة.
والبعض الآخر قد يشتكي من عدم الإحساس نهائيا بالعلاقة مما يجعلها أيضا عملية مجهدة نفسيا على الأنثى وبالتالي يشعر الزوج بعدم التجاوب ومن هنا تحدث الخلافات.
و بهذه الشكوى يلصقن التهمة بالزوج بأنه كثير الطلب للعلاقة مما يثقل كاهلها ويجعلها ترغب في مجاراته.
** متى يتوجب على المريضة القلق والسعي وراء حل المشكلة؟
* بالطبع ليست كل مشاكل العلاقة تستوجب تدخلا طبيا، فالكثير منها يحدث بشكل مؤقت كالقلق والمشاكل الصحية.. ولكن على الزوجة أن تسعى للتدخل الطبي في الحالات الآتية:
# إذا أصبحت العلاقة مؤلمة بشكل مفاجئ على العكس من ذي قبل، فقد تكون أصيبت بعدوى مثلًا.
# إذا كان عندها ما يحملها على اعتقاد أنها مصابة بمرض معد جنسيًا، فحينها عليها هي وزوجها اتخاذ الإجراءات اللازمة.
# إذا أصبح هناك رد فعل غير متوقع مصاحب للعلاقة مثل الصداع، أو ألم قصير بالصدر أو بأي مكان في الجسم.
** ماذا عن الحالات التي لها علاقة برضاء الزوجة عن العلاقة؟
*هناك حالات مثل انعدام الرغبة كما في سن اليأس وهذه الحالات نكتب لها أعشابا من شأنها تقوم بزيادة تدفق الدورة الدموية إلى الأعضاء التناسلية.
** وأيضًا هناك حالات تعاني مما يسمى التوسع المهبلي، وهي مشكلة تواجه العديد من النساء خصوصا مع الولادات الطبيعية المتتالية؛ وبالتالي يترهل المهبل ويفقد جزءا من خاصيته المرنة ومعها تفقد المرأة إحساسها هي وزوجها بالعلاقة، فالمفترض حاليًا تفاديا للمشكلة من الأساس أن تقوم طبيبتها بعمل خياطة جيدة للمكان بعد عملية الولادة.
** ماذا لو لم يتفادى الطبيب مشكلة التوسع المهبلي؟
* المشكلة غالبا ليس لها إلا الحل الجراحي، وهي عملية بسيطة شبه تجميلية يقوم فيها الجراح بتجميل المهبل المترهل، وإعادة هيكلته.
كما يوجد بالصيدليات أنواع جل تباع حديثا، تعمل على تضييق المهبل وتوضع قبل العلاقة بفترة وجيزة، ومفعولها مؤقت طبعا وهذه تنفع في الحالات البسيطة من التوسع المهبلي.
* هناك نصيحة أقولها دائمًا لكل السيدات، لابد من العناية الشخصية بهذا المكان جيدا والاهتمام بالنظافة فيه، وخاصة في أيام الدورة الشهرية للحفاظ عليه من التوسع لأن المهبل في تلك الأيام يكون بحالة غير حالته الطبيعية.
وعرضة أكثر للالتهابات والبكتيريا التي تتسبب بمشاكل في الجهاز التناسلي وخصوصا التوسع، وأفضل غسول لتلك المنطقة هو الماء الدافء والملح لأنه مطهر رائع للجسم وفي نفس الوقت شيء طبيعي و غير كيميائي.
المعوقات بين وضعها الطبي وخطرها الاجتماعي:
وفي حوار انفردنا به مع الدكتورة سعدية حنفي (أخصائي النساء والتوليد) بطب القاهرة حول الوضع الأخلاقي لطرح مشكلات العلاقة الزوجية؟
تقول الدكتورة سعدية حنفي: إن قمة السعادة والرضا في العلاقة الزوجية تتحقق في وفاق الحياة بين الزوجين، وصبر الزوجة على هذا الأمر، و إعطاء دافعا للزوج دائمًا بحدوث رضائها وسعادتها مما يعطي للزوج ثقة في أدائه معها.
كما أن على الزوج مهمة إسعاد الزوجة بشكل عام في حياتها وعدم تكدير صفو ذهنها حتى يجنبها الضغوط التي تعوق دون سعادتهما معًا.
وتضيف الدكتورة.. إن هذا الأمر للأسف أصبح محور أحاديث بين الزوجات وبعضهن البعض، فكل زوجة تعرف من صديقتها كم تلتقي صديقتها مع زوجها على مدار الأسبوع واليوم.
كل هذا لا يليق أبدًا لأن كل حالة لها ظروفها الخاصة فكل رجل غير الآخر ومقدرة كل رجل تختلف على الآخر، فقد ينتج عن هذا مشاكل بين المرأة وزوجها، نتيجة عدم رضائها عنه.
في ظل وجود معوقات حقيقية في العلاقة، يبين الدكتور الوضع الأمثل لمواجهتها أنه إذا أحس الزوجان بأي مشكلة في علاقتهما، فعليهما اللجوء للطبيب المتخصص فيها لأنه يعطي حلا مناسبا ولائقا بالحالة التي أمامه، فليس كل حل وعلاج لتلك المشكلة يصلح لمشكلة أخرى..
وتتعجب الدكتورة من جراء الغزو الإعلامي الخاص بتلك الأمور في عقول البنات حتى قبل الزواج!!
فتسرد لنا الدكتورة.. أن هناك حالة جاءتها مضى على زواجها شهران و تشتكي من البرود وعدم حدوث الذروة، مع العلم أن أول شهرين من الزواج تكون العلاقة في الغالب، مصحوبة بألم بسيط فكيف ستأتي الذروة حينها!!!!
الكاتب: د. ريهام حسني محمد سالم
المصدر: موقع آسية